اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
شرح مختصر زاد المعاد
33486 مشاهدة
قدر ما يقرأ في المغرب والعشاء

...............................................................................


وكذلك أيضا صلاة المغرب، المغرب معروف أنه يجهر فيها بالقراءة في الركعتين الأولتين، ولكنه تارة يطيل القراءة، وتارة يتوسط، وتارة يخفف. ذكروا أن مروان بن الحكم لما كان أميرا على المدينة كان يقصر يقرأ دائما بقصار السور؛ أنكر عليه بعض الصحابة، وقال: إنك تقرأ بهذه السور القصيرة، وإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ فيها بطول الطوليين، طول الطوليين يعني الطول من السورتين الطويلتين المكيتين وهما الأنعام والأعراف، والطولى هي الأعراف فإنها أكثر من مائتي آية، وتزيد أو تقرب من جزء، وتقريبا جزء وربع وزيادة قرأ بها -صلى الله عليه وسلم- في المغرب، لكنه قسمها بركعتين يعني هي نحو ست وعشرون صفحة كما هي معروفة في المصاحف. ست وعشرون صفحة أكملها في صلاة المغرب. دليل على أنه كان يطيل صلاة المغرب أحيانا.
كذلك أيضا ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- قرأ فيها بالطور، وهي أكثر من صفحتين يعني نحو صفحتين وربع صفحة، وقرأ فيها أيضا بالمرسلات، وكان يقرأ فيها ولكنه لا يداوم على قراءة سورة معينة، بل أحيانا هذه وأحيانا هذه، فتكون هذه قراءته.
ولا بأس أن يقرأ بقصار المفصل أحيانا، قصار المفصل أولهن سورة: وَالضُّحَى إلى آخر القرآن.
وأما صلاة العشاء، فالمعتاد أنه يقرأ فيها بأواسط المفصل، المفصل أوله سورة ق طوال المفصل من سورة ق إلى سورة عم، أوساط المفصل من عم إلى سورة: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى .
ثم لما كان معاذ بن جبل -رضي الله عنه- يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة العشاء؛ لأنه يحضر حلقات العلم حتى يتعلم وحتى يقرأ، ثم لما كان هو أقرأ قومه كان يذهب إليهم بعد العشاء.
الطريق بينه وبينهم ساعة أو أكثر من ساعة، فيمكن أنه لا يأتيهم إلا بعدما يمضي من الليل ثلاث ساعات ونصف من الغروب، لما كان هو أقرأهم كان يطيل القراءة بهم، وكانوا أهل حرث، وأهل عمل، يشق عليهم السهر الطويل، فكان يطيل بهم، فاشتكوه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قالوا: إنه لا يأتينا إلا متأخرا ومع ذلك يطيل القراءة بنا، فأنكر عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمره أن يقرأ بسور متوسطة، أن يقرأ بهم بسورة سبح وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ و إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ؛ أي بأواسط المفصل من سورة عم إلى وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ؛ رفقا بهم، وأنكر عليه الإطالة وقال له: أفتان أنت يا معاذ وقال: أيكم أمَّ الناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والكبير والصغير وذا الحاجة هذا الحديث أرشد به معاذا لأنه كان يطيل؛ وذلك لأنه لما جاء قومه في ساعة متأخرة كبر وابتدأ بقراءة سورة البقرة يمكن أن تستغرق ساعة أو أكثر من ساعة، متى ينتهي بهم؟ يمكن أن يمضي من الليل خمس ساعات وهو لم ينتهِ بهم، فمتى يستريحون؟! لا شك أن في ذلك مشقة، فأنكر عليه.
هذه قصة معاذ مع قومه.
يقول المؤلف: استدل بها النقارون الذين ينقرون الصلاة أخذوا يكررون قوله: أفتان أنت يا معاذ أخذوا يقولون: أيكم أمَّ الناس فليخفف فنقول لهم: التخفيف أمر نسبي فإن من قرأ مثلا سورة ق وسورة الم السجدة اعتبرناه مخففا بالنسبة إلى من قرأ سورة البقرة أو ما أشبهها.